الأولويات الاقتصادية للحكومة ... ثلاثة محاور وثلاثة ركائز

اقتضى روح التسوية السياسية التي انجزتها الوساطة السعودية في جنوب اليمن خاصة واليمن عموما  تحقيق نقطتين جوهريتين ؛ توسيع قاعدة الشراكة السياسية ، وتشكيل حكومة حرب لحسم الصراع مع الجانب الانقلابي ،  لكن الحكومة التي ولدت أخيرا بعد مخاض تفاوضي عسير لن يكون اولوياتها محاربة المليشيات الحوثية بالجبهات ، بل مواجهة التضخم وتهديدات الإفلاس التي تسببت به سياسيات الانقلابيين.

 

لقد استبق رئيس الوزراء الدكتور معين عبدالملك عودة حكومته الى عدن بالإعلان عن خطة إنقاذيه عاجلة في ضوء الانهيار المضطر لأسعار العملة . وفي خطابه التاريخي عقب تأدية القسم حدد رئيس الجمهورية ثلاثة محاور اساسية كأولوية قصوى للحكومة التوافقية ؛ وهي : وقف تدهور الحالة الاقتصادية ،ودعم العملة الوطنية وبناء وتعزيز ايرادات الدولة ومؤسساتها المختلفة .

 

ان هذه المحددات الرئاسية ،ومثلما ستمثل برنامج عمل الحكومة ، فإنها أيضا ستكون بمثابة المؤشرات التي سوف يقاس عليها نجاح التشكيل الوزاري الجديد  . بالنظر الى طبيعة مهامها ؛ فان هذه الحكومة  سوف تحتاج بشكل حتمي الى تعزيز آليات الحوكمة الاقتصادية قبل الشروع بأي مهام اجرائية او مشاريع اصلاحية .

وسوف يتعين على القيادة الجديدة مراقبة الأثر الاقتصادي لجميع قراراتها ، ومنع التعارض بين الاولويات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية عند صناعة القرار .ولتحقيق ذلك يجدر بالقيادة الحكومية الجديدة ان تأخذ بالاعتبار ثلاث مرتكزات اساسية : 

الركيزة الأولى: هيكلة الأجهزة الحكومية على أساس وظائفها الاقتصادية ، وتطعيم طاقمها القيادي بكوادر نوعية شابة قادرة على التفكير في حلول استثنائية وعلى رفع إنتاجية القطاع العام .

الركيزة الثانية : حوكمة أي قرار إداري أو تنظيمي على أساس أثره الاقتصادي سواء بما يخدم و يعزز موارد الدولة ويشجع عملية الاستثمار  او بما يخدم ويلبي مصالح الطبقات الوسطى والدنيا المعتمدة بشكل اساسي على الدولة . لذا فإن جميع القرارات الصادرة من الوزارات يجب أن تخضع لموافقة طرف ثالث مختص في السياسات الاقتصادية والاجتماعية وهذا يؤكد اهمية تشكيل المجلس الاقتصادي الاعلى وتفعيل وهيكلة كلا من البنك المركزي اليمني و الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة ..

ان طبع العملة الوطنية بشكل غير مدروس خلال المرحلة الماضية  ادى الى ارتفاع نسبة التضخم وارتفاع اسعار السلع والخدمات  فلم يعد من الممكن قبول اي قرارات اقتصادية بعد الان  لا تستند الى اعلى درجات من مستوى  الحوكمة الاقتصادية .

اما الركيزة الثالثة :وضع مبادئ وسياسات توجيهية لجميع الأجهزة الحكومية؛ لصناعة قرارات صلبة ومتسقة في حدود تلك السياسات والمبادئ التوجيهية

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص