المؤتمريون وضبط البوصلة

كان الأصوب لقيادات مؤتمر الشرعية ونشطاه ان يقدموا انفسهم كطوق نجاة لمن بقي من جناح صالح في المؤتمر سواء من كان منهم بالداخل او الذين بالخارج ، لكن ذلك لم يحدث للاسف حيث أفرط جناح المؤتمر بالشرعية ونشطاه في الرياض بخطابات الاسترضاء والاستمالة لانصار صالح واولاده وأولاد أخيه بصورة مبالغة وصلت الى درجة الانبطاح مفرطين بكل عناصر قوتهم وما يمثلوه من رمزية خاصة منهم من يشغلون مناصب رسمية عليا في الدولة .

فمنذ اليوم الاول لنشوب الاشتباكات بين حلفاء الانقلاب انبرى الكثير من مؤتمريي الشرعية داعما لعلي صالح ومساندا بل وانزلق بعضهم الى خطاء الاقرار بقيادة صالح لحزب المؤتمر واعتباره القائد المخلص من الحوثيين وسطوتهم وظهر منهم من اعتبر لحظة الانقسام بين صالح والحوثيين بالفرصة لعودة القائد الهمام الذي سيكون على يده الخلاص معللين ذلك بان ما ينقص اليمنيين هو القائد صالح وما ان أعلن مقتله حتى هوى الكثير في مناحة التمجيد له والتهليل لنجله احمد بل والتسابق اليه لمبايعته كوريث شرعي يمتلك القدرة على القيام بدوره ابيه .

هاكذا ظهر اغلب عناصر هادي وجلساؤه من مؤتمريي الشرعية في الرياض واحزاب ابو سبعه ، نسوا هادي ونسوا شرعيته و فات عليهم انه المسؤل الاول على المؤتمر ولم يعد له من ذاكر يذكره الى يومنا هذا .

ومثلما عليهم فان لهم انهم لم يقعوا بهذا الخطاء والانكشاف بعيدا عن هادي او بدونه فقد خرج هادي بنفسه منساقا لنفس الهفوة ودُفع به الى موضع منح علي صالح صك الغفران وشهادة الوطنية وتقديمه كبطل جمهوري لاذنب له فيما وصلت اليه البلاد وتناسي انه كان احد اقطاب الانقلاب بل ومدبره الاساسي .

المشكلة ان كل هذا الانحناء من قبل مؤتمريي الشرعية جاء مجانا فلم يبد اي من أنصار صالح أو ورثته اي إشارة من إشارات الرضا والقبول بالشرعية والاعتراف ولو ضمنيا بها و بقيادة المؤتمر الحالية ليبقى التجاهل هو سيد الموقف باستثناء ما صدر عن يحيى صالح والذي أعلن عبر قناة روسيا اليوم انه لا يمكن التحالف مع هادي والعدوان حد وصفه بل وأكد على رفض اي حوار مع الرئيس هادي .

والاسواء ان المؤشرات الأولية تدل على ان هناك اعداد لاعادة هيكلة المؤتمر بعيدا عن قيادته بالرياض وان ثمة توجه مدعوم إماراتيا لتسليم القيادة لاحمد ومعه أسماء اخرى من أنصار علي صالح حملت بملف علي البخيتي والذي أفصح البعض ان وجوده بالرياض هو لهذا الغرض ولا يستبعد اعلان عضويته وتبوئه هو الاخر منصب قيادي عضويته للمؤتمر .

لقد كانت ايام الحرب القليلة بين صالح والحوثيين كافية لكشف حقيقة رجال الرئيس هادي من اعضاء المؤتمر المؤيد للشرعية وظهر بعضهم كما لو ان وجودهم الى جانب الشرعية كان مجرد دور مرسوم من قبل صالح ومحكوم الى حدود مصلحته .

ورغم الحقائق الدامغة التي تؤكد بان صالح لم يتخذ خياره الاخير الا بعد ان فقد كل قوته الا هذة العناصر ما تزال غارقة بغفلة قناعتها بشخص علي صالح وزعامته ولا تريد استجلاء اللحظة لتخرج من دورها الاعتيادي فمكثت ولا تزال في مغبة الترويج للوريث احمد علي والتغني بأمجاد ابيه وبطولاته .

ومما يثير الغرابة ان بروز هؤلاء على هذا النهج قد لقي قبولا مدعوما ولا يزال بشكل مباشر وغير المباشر من اعلام التحالف العربي سواء كان هذا الدعم عن قصد او بدونه . وهو ما تسبب ويتسبب بخلق انطباع سلبي بداء يتشكل لدى الراي العام المحلي والدولي انه لم يعد للرئي هادي ونائبه علي محسن ورئيس حكومته احمد بن دغر من المكانة والامكانية ما يؤهلهم لقيادة المرحلة وادارة المؤتمر الشعبي العام وهو امر غير واقعي فيبقى هادي هو رمز الشرعية الذي لا يمكن تجاوزه باي ظرف حتى حلول التسوية والسلام في اليمن كما يبقى علي محسن هو الأكثر قدرة على التعامل مع بيئة الشمال وبنيته القبلية وبعض من الجنوب وداخل المنظومة العسكرية بما فيها العناصر الموالية لصالح بينما يتمتع بن دغر بمؤهلات سياسية كبيرة تجعله العنصر الأكثر ديناميكية في ادارة الشؤن السياسية للمؤتمر الشعبي العام .

ما يعزز من نقاط قوتهم تلك هو ان مالم يقدر عليه علي صالح بنفسه لن يقدر عليه ابنه احمد علي فالفارق بينه وبينهم كبير وقواعد اللعبة اختلفت تماما كما ان الاخير ما يزال وسيظل خاضعا لقيود العقوبات الدولية التي لن يتخلص منها بسهولة .

ولان مستقبل المؤتمر الشعبي العام يمثل مصلحة وطنية تتجاوز مصلحة أعضائه المنقسمين اضافة الى ام وجوده موحدا تمثل احتياجا وطنيا تفرضه الضرورة يكون الاولى بكل قيادات وكوادر المؤتمر الشعبي العام خاصة جناح الشرعية ان تتوقف عن حالة الانسياب العاطفي والفوضوي الذي وقعت فيه وأوقعت معها عدد كبير من الجماهير وان تتحول لانتهاج خطوات عملية لضبط بوصلتهم بإعادة ترتيب حزب المؤتمر وبنائه تنظيميا وانتخاب قيادة جديدة الى جانب رئيسه الشرعي عبدربه منصور هادي ولملمة هيئاته المركزية ومنظماته الفرعية ابتداء بعناصرها الموجودة بالخارج ومرورا بالمحافظات المحررة والمحافظات المحيطة بصنعاء وان تتشارك مع كافة القوى السياسية الاخرى لضبط توجه الحزب الجديد واستمالة اعضائه ومناصريه ، على ان يكون منطلقهم الاساسي دفع أنصار صالح للإقرار بشرعية الرئيس عبدربه منصور هادي والتزام الجميع بالعمل بموجب المرجعيات الثلاث ورفض كل مظاهر التوريث داخل الحزب والدولة والالتحام بمكونات النضال الوطني ومشاركتها المعركة بطابعها الوطني في استعادة الدولة ونظامها الجمهوري بعيدا عن نزعة الثارات وخارج كل التوجهات والدعوات الطائفية والمناطقية .

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص