عدم الثقة

مشكلة اليمنيين ليس في صياغة الاهداف والحوارات والاتفاقيات وحتى القوانين فلديهم كم هائل منها ولكن المعضلة الحقيقية تكمن في التطبيق وتنفيذ هذه الاهداف والحوارات والاتفاقيات.

مع إطلالة الستينات تم صياغة اهداف سبتمبر عام 1962م وإلى اليوم لم يُطبق منها شيئاً سوى وحدة  هشة مهددة بالزوال، ايضاً وثيقة العهد والاتفاق التي نصت في بنودها على تطبيق النظام الفيدرالي وتصحيح مسار الوحدة تم شن حرب شعواء عليها ورُفع خلال تلك الحرب شعارات الوهم والتدليس من اجل حشد وتجييش القطيع حتى الدين لم يسلم من هذا التجييش المقيت.

 كذلك مخرجات الحوار انقلبت عليها جماعة الحوثي بالتحالف مع جماعة علي عبدالله صالح حين ذاك قبل أن يدب بينهما الخلاف، وليس من المستبعد ان تلقى مخرجات الحوار نفس المصير ومن داخل الشرعية نفسها فأهداف سبتمبر عام 1962م تم الالتفاف عليها وإسقاطها من داخل الصف الجمهوري نفسه، وظلت تلك الاهداف ولازالت مجرد حبر على ورق وشعارات زائفة تُعتلف ويرقص على وقعها القطيع.

مشكلة اليمنيين ومعضلتهم الكبرى هو محاولة بعضاً منهم التذاكي وعدم تطبيق الاتفاقيات والحوارات ونقضها والغدر بها وشن الحروب والانقلابات عليها وخلق ذلك حاله من الخيبة والتوجس والخلاف والتنافر وعدم الثقة زادت عمقاً وتوسعاً مع توالي الاحتقانان والاجتياحات والحروب والصراعات ومن الصعب التعافي من كل ذلك بسهولة.

حالة التوجس والحذر وعدم الثقة الذي يحكم العلاقة بين اليمنيين في أي يمن كان شكل نظامه وكذلك عقدة الاستقواء والاستعانة بالخارج ضد بعضهم البعض المستفحلة جعلهم يدخلون وبكل بساطة تحت الوصاية الاقليمية وبمباركه امميه حتى بلوغهم سن الرشد، وهذه الوصاية ليس امراً طارئاً على اليمن أو وليدة الأحداث الراهنة بل كانت ولازالت سارية المفعول منذ عقود عبر وكلائهم المحليين فقط الفرق يكمن أن ذلك الأمر تطور وصار بمباركه أمميه ولم تتحرك النخوة الوطنية لدى البعض إلا عندما مُست المصالح الضيقة لبعض هؤلاء الوكلاء.

كم أحرق الجهل والارتزاق والانتهازية والنفاق وعقلية الهيمنة والاستبداد  من تاريخ وكم على محرابهم انهارت أمم!

 

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص