العلاقات المجتمعية

تبدأ هذه العلاقات في حياة الواحد منذ الطفولة أهلك وأقاربك والذين يعرفون أهلك وطبعوا قبلا كثيرة على خدك ذكور وإناث وأصدقائك في المدرسة والجامعة ومعارفك في الحياة أو من سمعوا عنك. تكبر وتتسع الدائرة بحجم الشغف الإجتماعي للشخص نفسه.
وفي حياتنا خلال السنوات الأخيرة تطور الأمر إلى علاقات العالم الإفتراضي لتحسب ضمن ذلك أيضا.
شخصيا لم يكن ليخيل لي أني سأقابل أحد الأشخاص الذين درست معهم من الإبتدائية حتى الثانوية بعد كل ما حدث في السنوات الأخيرة هنا ونصبح معا في واجهة الجالية اليمنية في كوريا. 
جميل جدا أن تكون ذو صيت جيد واسع جدا 
للأصدقاء الذين يحسبونك مغترب وأنت لاجئ أجبرته الحياة على خوض معركة غربة للنجاة.
أغلب الصيت تأتي به المواقف وكانت مواقف ثورة الشباب أكثرها مجالا لبناء علاقات مجتمعية في مختلف المدن اليمنية ولا يمكنني عد الرفاق والأحبة وغيرهم الكثير ولا يساوي ذلك إلا السوشيال ميديا في جمع العلاقات بعد أن كانت المنتديات.
دائرة العلاقات الإجتماعية تشبه غسالة الملابس الإلكترونية مع الزمن والوقت لا تبقى معك من علاقاتك إلا الملابس النظيفة التي يمكن لك أن ترتديها وتقي نفسك من البرد والحر وتغطي عورتك. 
لا يمكنك أن تآخذ إلى الغسالة الإجتماعية ملابس مهترئة ممزقة لتقوم بغسلها هذا المهترئ والممزق هم الذين تساقطوا طوال تقدمك في العمر من دائرة علاقاتك المجتمعية.
لم أكن أتخيل أنني في يوم ما سوف أقوم بفرز هذه العلاقات أو حتى محاولة إعادة تدويرها عرفت رجالا كالجبال وعرفت أناسا كالحصى والمواقف غربال الحياة ومحور ارتكاز أساسي فيها.
في اللحظة التي تبدأ فيها أي مشكلة أو تظهر فيها أي حقيقة ينقسم الناس إلى قسمين قسم ثابت غير متحول أبدا معك وفي ظهرك وقسم يعاملك في كل حدث معاملة امرأة في جدول الماء تقوم بغسل ملابس وبطانيات المنزل.. ويعد القسم الثاني عرضة للزوال من حياتك وهذا ما حدث وقائمة الحظر شاهدة على ذلك.
المحايدين والمطبلين خارج الموضوع تماما لكن يبقى الفاصل الرئيسي في كل ما يحدث هو التقبل والتأقلم مع متغيرات الأمور.
إلى متى ستستمر بإبقاء صديقك النذل إلى جوارك في الوقت الذي يمكنك أن تحصل على عشرة أصدقاء رجال يقفون إلى جانبك وقت الشدة؟. الأمر راجع لك لوحدك ولصبرك وتحملك للأمور.
قبل عامين دخلنا ٥٠٠ شخص إلى جزيرة جيجو كوريا الجنوبية وقمنا بتقديم اللجوء كانوا تجربة حياة حقيقية ومعيار مصغر للمجتمع والواقع اليمني.. أعرف أحدهم من أبناء خولان الطيال باع البقرة ودخل إلى كوريا وكان رافض حتى يلبس جينز شخصيا لم أكن أتوقع أنه سيكون يوما ما في قائمة أصدقائي ولكن المواقف جعلت ذلك ممكنا.. تخيلوا أنه كان مندهشا جدا أن السيارات تدخل في صندوق وتختفي داخل المبنى المقابل للفندق الذي سكن فيه لا يعرف بأنه أصنصيل خاص بالسيارات إلى الموقف المتوفر تحت المبنى الشاهق.. هذا الخولاني الأشعث الأغبر الآن يتحدث قليل من الكورية باللهجة حق مطلع ويرتدي الجينز ويقوم بشحن سيارات من هنا إلى اليمن.
الجميل في الأمر أن شخصيته الوجودية لم يتغير فيها شيء بينما بقية اليمنيين بعد أن حصلوا على فرص عمل ودخلت الفلوس إلى أجيابهم ظهرت شخصياتهم الحقيقية وبان الطالح والصالح.
في العلاقات المجتمعية بالنسبة للفكر هناك من يسايرك عن قناعة تامة وهناك من يسلك لك ومن يتجنبك ومن يتصادم معك في ذلك بدون أدنى وجه حق ويفجر في الخصومة.
بالنسبة لي شخصيا هناك شيء واحد يغفر للآخرين في علاقاتي المجتمعية معهم بعيدا عن الدين والعرف والعادات والتقاليد وغير ذلك وهو العيش والملح.
لأن العيش والملح هو القاعدة السادية في العالم كله وبين جميع الكائنات التي تعمل على الترابط بدل ما تأكلني أو آكلك كل معي وخلينا نعيش. ومن يتجاوز ذلك يستحق أن يتم تجاوزه.
أقول هذا كشخص أختفى كل شخص من حياته ولم يتبقى معه في بداية الحرب سوى كلب لم يفارقني للحظة حتى غادرت اليمن.
وسلامتكم

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص