تحذيرات الأمم المتحدة ونهاية الحرب في اليمن!

يتحدث الجميع عن السلام في اليمن، ونهاية وشيكة للحرب التي تسببت فيها المليشيا الحوثية حينما انقلبت على مسودة الحوار الوطني الذي استمر تقريبًا لعشرة أشهر، والاتفاقيات السابقة بين الحكومة اليمنية والمليشيا، وكذلك اللاحقة، ومن يتحدث عن ذلك لا اعتقد أنه يدرك حقيقية الحوثيين وأصل الصراع في اليمن المنكوب.

عندما تحدثت رويترز أن المملكة العربية السعودية تحاور الحوثيين من أجل منطقة عازلة يفصلها مع الجماعة المدعومة من طهران مقابل وقف دعم التحالف للحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، أرسل لي شخصًا يعمل مع الحوثيين رسالة، وقال فيها إن السعودية ستعلن الاستسلام، اليوم أو غدًا، وأرفق لي خبر رويترز، فكان ردي هو، أن خبر رويترز قد يكون محاولة بريطانية أخيرة لعرقلة تصنيف أمريكا الحوثيين جماعة إرهابية، وهو كما يبدو ذلك من خلال نفي الحوثيين أنفسهم وكذلك مندوب السعودية في الأمم المتحدة عبدالله المعلمي لهذا الخبر.

وفي بيان نشره الجمعة 20 نوفبر 2020، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إن اليمن مهددة بأسوأ مجاعة في التاريخ، وأرجع السبب في ذلك هو نتيجة لانخفاض تمويل عملية الإغاثة، وعرقلة ما اسماهم الأطراف في إيصال المساعدات إلى مستحقيها، رغم أنه يعلم أن الحوثيين منعوا وصول تلك المساعدات وسرقوها من أفواه الجائعين، وعدم تسميته للحوثيين، وتجاهل دعوته الدائمة إلى وقف الحرب والأطراف للاستجابة لمبعوثه الفاشل مارتن غريفيث، تؤكد حقيقة استثمار الأمم المتحدة لأزمة الحرب في اليمن، واستفادتهم من إطالة أمد الصراع في البلاد.

الحوثي هو الآخر مستفيد من جولة المشاورات العقيمة التي يرعاها المبعوث الأممي مارتن غريفيث، لكون أن تلك الجولات لم تأتي بجديد، حتى الإفراج عن الأسرى الحوثيين مقابل المختطفين من اليمنيين، كانت بمستوى هزيل لم ترقى إلى مستوى ما يتقاضاه مارتن غريفيث من الأموال، فالوساطة المحلية لوحدها منذ 2018، أفرجت عن سبعة آلاف سجين وفقًا لرواية أطراف قبلية عدة.

الحوثي مستفيد أيضًا من تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة، كون تلك المساعدات التي تتحدث عنها الأمم المتحدة تصل كاملة إلى المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية والتعاون الدولي، ومقره في وزارة التخطيط والتعاون الدولي التي تسيطر عليها المليشيا الحوثية في صنعاء، وهو ما يعني أن تلك الأموال جميعها تذهب إلى جيوب قيادات المليشيا الحوثية.

تحدثت منظمات دولية كثيرة أن الحوثيين يسرقون الغذاء من أفواه الجائعين، وتحدثت أخبار كثيرة عن الأموال التي ينهبها الحوثيين من المنظمات الدولية، وكشفت مبادرات كثيرة كيف سيطر الحوثيين على القطاعات الاقتصادية المختلفة في البلاد وانشأوا المئات من الشركات بقصد تهريب المخدرات والأموال والمخدرات، ويعيش اليمنيين حاليًا أزمة اقتصادية خانقة بسبب الإجراءات الاقتصادية التي يمارسها الحوثيين بحقهم، وعيش غالبية اليمنيين وخصوصًا في المناطق التي تسيطر عليها الجماعة الإرهابية أزمة إنسانية هي الأخطر في العالم بحسب ما تحدث به أمين عام الأمم المتحدة، وهذا كله بسبب الحوثيين..

إذًا.. اليمنيون يحتاجون إلى مهمة دولية وحكومية لإنقاذهم من تلك الأزمة التي يتحدث عنها أنطونيو غوتيريش، حتى لا يموت الكثير من أبناء اليمن بسبب الجوع وفقدان الأمن الغذائي، وهذا يتطلب إلى مهمة عاجلة يتقدمها العزيمة والإصرار بإنقاذ اليمنيين.

إنقاذ اليمن وشعبه، لن يكون بوقف الحرب بالشكل الذي يخطط لها غريفيث، ولن يكون بالتسول من دول من أجل مساعدة المتضررين، ووقف الحرب لن يأتي إلا بالضغط العسكري على الحوثيين الذين يعرقلون الحل السياسي في اليمن، ويسعون لأن تكون اليمن أول دولة في الجزيرة العربية تابعة لطهران قبل أن يتوجهوا إلى مكة بحسب الوعود التي تتحدث في أبجدياتهم.

الحديث عن السلام يفاقم الأزمة الإنسانية، ويشجع الحوثيين على ممارسة عملياتهم الإرهابية المختلفة سواء بارتكاب جرائم حرب بحق اليمنيين، أو إطلاق الصواريخ البالستية والطيران المسير أو الهجوم العشوائي على المواطنين اليمنيين أو على الدول المجاورة، أو زيادة ارتكاب العمليات الإرهابية في الملاحة الدولية، او إرهاب الشعب اقتصاديا وسياسيا ودينيا، وهذا ما لاحظناه، منذ أن تم التوقيع على اتفاقية ستوكهولم الذي منح الحوثيين القوة والثقة بالنفس.

الحديث عن السلام في اليمن يطمئن الحوثيين بأن الحسم العسكري لن يكون، وهو ما يشجعهم على ارتكاب المزيد من الخروقات والاستمرار في التوغل والسيطرة على مناطق أخرى كان قد تم تحريرها من تحت قبضتهم، وهذا الإجراء يخدمهم على المستوى المحلي.

يخدمهم على المستوى المحلي من خلال، وصول القبائل اليمنية إلى قناعة أن المليشيا أصبحت أمرًا واقعًا، وأن وعودها (بتحرير مكة وفقًا لأبجدياتهم)، بات أيضًا واقعيًا، وذلك يزيد من الالتفاف الشعبي معهم خوفا من أي عملية سياسية تضمن بقاء الحوثي في السلطة، ومن ثم الانتقام منهم لرفضهم دعم الحوثي بالمقاتلين.

الحديث عن السلام يشجع الحوثي على التصعيد العسكري، لكونهم يعتقدون أن نهاية الحرب هو حوار والنتيجة ستكون حتما لمن يسيطر أكثر.

ما كان لأمين عام الأمم المتحدة أن يتحدث عن أن المجاعة التي تهدد اليمن، لولا اتفاقية ستوكهولم التي أطالت أمد الحرب، وحجمت اليمنيين من تحرير أرضهم وقطع التمدد الإيراني في المنطقة، ولو لا اتفاقية ستوكهولم التي تمخضت عن وقف تحرير الحديدة والحوار السياسي بين الحكومة والحوثيين، لما وصل الحاكم العسكري الإيراني إلى صنعاء حسن إيرلو، ولما أرسل الحوثيين سفيرًا لهم إلى طهران وسوريا، وقريبًا إلى العراق، ومن ثم لبنان.

لولا وقف تحرير الحديدة لكانت معاناة اليمنيين انتهت منذ عام، وتم تحرير اليمن، وأرغم الحوثيين على تنفيذ القرارات الدولية وإجباره على الامتثال للمرجعيات الثلاث، وبالتالي سيحل الأمن والأمان والسلام في اليمن الذي يعاني من تآمر مارتن غريفيث عليه.

على التحالف إذا أراد أن ينهي الحرب في اليمن، أن لا ينظر إلى أي حوار سياسي، وإنما يدعم القوات اليمنية الحقيقية التي ليس لها أجندات خارجية، والتي ليس همها المتاجرة في الحرب، دعمًا كاملًا من أجل عملية عسكرية سريعة وخاطفة، لاسيما وأن هناك قوات مدربة على اقتحام المدن بأقل الخسائر، وما حدث من باب المندب حتى مطار الحديدة في 2018 هو دليل على ذلك.

حينما يتم الضغط العسكري على الحوثيين ومحاصرتهم في صنعاء، سترضخ جماعة طهران للحل السياسي الشامل والقرارات الدولية، وحينها سيتم إنقاذ اليمنيين مما تحذر منها الأمم المتحدة التي تتاجر أصلا هي الأخرى بالأزمة اليمنية، من خلال إصرارها على الحوار السياسي الكاذب الذي يطيل أمد الصراع في اليمن.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص