هل هناك من حل لأزمة اليمن ؟
تبنى السفراء العرب في المملكة المتحدة - بريطانيا في اجتماعهم الدوري المنعقد يوم الثلاثاء ٨ فبراير ٢٠٢٢ قرار مجلس الجامعة العربية المتخذ بتاريخ ٢٣ يناير ٢٠٢٢ والقاضي بالدعوة إلى اعتبار المليشيات الحوثية جماعة ارهابية .
وفي الاجتماع قدمنا شرحاً للأًوضاع المستجدة في اليمن ، نلخص أبرز ما جاء فيه في النقاط التالية :
١/ يسرنا أن نضعكم في صورة تطورات الوضع في اليمن مند آخر تقرير قدم إلى مجلسكم الموقر ، ونشكركم على تفاعلكم الدائم .
٢/ إن الوضع المأساوي في اليمن قد بلغ مداه بسبب إصرار جماعة الحوثي الارهابية على مواصلة الحرب ، وتوسيع دائرتها الإقليمية في عمل لا يترك مجالا للشك بأن ما حدث في اليمن لم يكن مجرد انقلاب بمعناه التقليدي ، ولكنه مخطط لمشروع توسعي يستهدف المنطقة واستقرارها .
٣/تقف وراء هذا المشروع وتموله وتدعمه قوة إقليمية متمثلة في النظام الإيراني ، وهو مشروع مترابط الحلقات والمليشيات ، ويعمل بنسق موحد .
٤/ اهدافه هي :
ا-توظيف الأيديولوجية الطائفية في شق الدولة الوطنية في المنطقة .
ب-خدمة نفوذ إيران وتوسيع دائرة هذا النفود بإضعاف مكونات الدولة الوطنية العربية ، والسيطرة على أهم ممرات الملاحة البحرية .
ج-استخدام هذا النفوذ في حل مشاكل إيران مع العالم .
بسبب ذلك ظل الحوثيون يرفضون كل جهود السلام اليمنية والعربية والدولية .
٥/ كانت مفاوضات الكويت التي رعتها دولة الكويت الشقيقة وأميرها الراحل رحمه الله أهم هذه الحمود التي استمرت لمدة أشهر ، حيث تم التوصل إلى صيغة تفاهم لوقف الحرب والذهاب الى الحل السياسي القائم على المرجعيات الثلاث المتفق عليها بما فيها مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الذي شارك فيه الجميع بما في ذلك الحوثيون . لكن الحوثي رفض التوقيع على اتفاق التفاهم بعد أن وقع عليه وفد الحكومة .
٦-ثم جاء اتفاق استوكهولم عام ٢٠١٨ بعد أن كانت قوات الحكومة الشرعية على وشك أن تستعيد الحديدة وموانئها من أيدي المليشيات الحوثية ، لكن المجتمع الدولي تدخل بقوة ومنع القوات الحكومية والتحالف من التقدم نحو الحديدة تحت مبرر أن تعرض الميناء للدمار سيؤدي إلى كارثة انسانية ، وتقدم المجتمع الدولي على إثر ذلك بمشروع اتفاق تنسحب بموجبه المليشيات الحوثية من الحديدة والموانئ الثلاثة على أن تسلم للقوة الأمنية والإدارية التي كانت تديرها قبل الانقلاب ، وتحفظ موارد الميناء في البنك المركزي وتستخدم لتلبية رواتب الموظفين . وشكلت لجنة أممية لمراقبة تنفيذ الاتفاق .
٧- لم ينفذ الحوثيون أي بند من بنود الاتفاق ، بل إنهم استفادوا منه لمواصلة الحرب ؛ حيث :
ا- تحولت الحديدة إلى مركز تعبئة وتهريب للاسلحة وانشطة القرصنة واستخدام الزوارق الحربية في مهاجمة السفن ، وتهديد الملاحة البحرية ، واحتجاز السفن كنا حدث مع الباخرة الإماراتية روابي في مطلع شهر يناير ٢٠٢٢.
ب- عطلت المليشيات الحوثية عمل اللجنة ولم نسمع أي موقف من الأمم المتحدة بشأن ذلك .
٨-بعد أن ضمن الحوثي هدوء هذه الجبهة ، باعتبارها تحت الرقابة الدولية ، أعاد تعبئة قوته ونقل المعركة إلى منابع النفط نحو مارب وعلى الحدود الجنوبية للملكة العربية السعودية في استعراض لا يصعب فهم دوافعه ومن يقف وراءها .
٩-في هذه الفترة ظهرت بوادر استخدام سلاح لم تكن تمتلكه اليمن وهي المسرات والصواريخ البالستية بعيدة المدى ، ولا يمكن لأحد أن يصدق أن هذه المليشيات قادرة على امتلاك وتسيير مثل هذا السلاح ما لم يكن وراء قوة وخبرات أجنبية تقوم بهذا العمل نيابة عنها .
١٠-تحولت صنعاء إلى مركز لهؤلاء الخبراء القادمين من إيران وبعض الدول العربية لإقامة ورش تجميع الصواريخ والمسيرات على نطاق واسع ، وأخذت تمطر بها المدن اليمنية والمطارات المدنية ، والمطارات والأهداف المدنية في المملكة العربية السعودية .
١١-كانت بصمات ايران وخبرات حزب الله اللبناني واضحة للعيان في هذا التحول في مسار الحرب ، والذي أخذ يتصاعد ليفرض الحل الطائفي وتحويل اليمن إلى منصة إيرانية لزعزعة أمن واستقرار المنطقة .
١٢- ترافق هذا التحول في مسار الحرب مع الهجوم على مارب والاصرار على احتلالها ، وبلغت ذروة المأساة في مأرب التي أصبحت تأوي أكثر من ثلاثة مليون يمني هاربين من الحرب لتحاصرهم مليشيات الحوثي في هذه المدينة ، وقصفت مخيماتهم بالصواريخ لتحدث ابشع المآسي الانسانية .
١٤-واصلت المليشيات الحوثية هجومها على مارب وشبوة خلال الفترة ٢٠١٩ / ٢٠٢١، وقصفت مدينة مارب بالصواريخ الباليستية والمسيرات ، كما قصفت مطار عدن مستهدفة الحكومة بأكملها ، ومصفاة ارامكو ومطار أبها ، وارسلت الصواريخ باتجاه مكة وجدة ، وتم الزج بالأطفال في محارق الحرب في موجات من الحشد .
١٥-تعرض اليمن خلال هذه الفترة لأسوأ أنواع الكوارث الانسانية ، ورفض الحوثي الاستجابة لكل الجهود والنداءات الانسانية لوقف الحرب .
١٦- تقدمت المملكة العربية السعودية بمبادرة كانت الأكثر واقعية وشمولية لوقف الحرب وفتح مطار صنعاء وتلبية متطلبات العودة إلى مسار السلام ، لكن هذه المبادرة قوبلت بالتعنت من قبل المليشيات الحوثية ، ورفضتها إيران على لسان مسئولين فيها ، وكذلك رفضها حسن تصر الله من خلال الحديث عن أولوية رفع الحصار وغيرها من الشروط التي يفهم منها أن وقف الحرب عندهم تتطلب أولا الاعتراف بالانقلاب وتبرئته من إشعال الحرب .
١٧-بسبب رفض الحوثي الاستجابة للحل السلمي وتكثيف استخدام الصواريخ البالستية والمسيرات في قصف المدن والاعيان المدنية دخل اليمن وخارجه اعلنت آمريكا ضم الحوثي كجماعة إلى قائمة الارهاب ، وعندما جاء الديمقراطيون الى السلطة اعلن الرئيس بايدن سحبهم من القائمة كعربون تفاهم مع إيران حول مشروعها النووي ، ورهن الحل السلمي في اليمن بنجاح امريكا على اقناع ايران بالتخلي عن مشروعها النووي وهو الأم الذي استخدمته ايران كورقة ضغط إضافية . ربما أعطى هذا الربط مشروعية لاستمرار الحرب واعتبارها عنصراً ملحقاً بالتفاهم مع ايران .
١٨-عندما رفض الحوثي كل جهود السلام ، بما في ذلك المبادرة السعودية ودعوات مجلس الامن وجهود المبعوث الأممي الجديد الذي ترفض جماعة الحوثي اللقاء حتى اليوم ، كان لا بد من اتخاذ قرار بمواصلة الخيار العسكري فطرد من شبوة ، وتم دحره في مارب وفي حرض شمال الحديدة الأمر الذي دفعه إلى افتعال مشكلة ضرب الامارات بالصواريخ والمسيرات وكان ذلك بتعاون واضح مع حلفائه من المليشيات التي تدور في فلك المشروع الايراني حيث أعلنت ما تسمى " ألوية الوعد الحق" العراقية مشاركتها في الهجوم على أراضي الامارات بعد من المسيرات.
١٩- جاء العدوان على الامارات كتواصل للعمل الارهابي وكرد فعل للتحول في ميدان المعركة على الأرض وذلك لرفع معنويات انصاره والمليشيات التي تدور في فلك ايران بما صاخبه من ضجيج إعلامي لوكلاء إيران في المنطقة .
٢٠- لا تمتلك مليشيات الحوثي القدرة على بلوغ أهداف بهذا المدى الجغرافي ألا بالتعاون ودعم لوجستي لقوى ومليشيات اجنبية ، وهذا يعني أن من يدير الحرب العدوانية على اليمن قد قرر أن يجعلها منصة للعدوان على دول المنطقة .
٢١- يبقى السؤال ، هل هناك من حل لأزمة اليمن ؟
نعم هناك حل وطريق مختصر لإحلال السلام ، يقوم على :
١ / انهاء الحرب واعلان حق الجميع في العيش في سلام وحقوق متساوية .
٢/ قيام دولة مواطنة بالقواعد والأسس التي أقرها مؤتمر الحوار الوطني والمرجعيات الاخرى للحل السياسي .
٣/ بقاء اليمن في محيطه العربي شرطاً ضرورياً في أي اتفاق قادم .
٤/ الدولة هي المالك الوحيد للسلاح .
٥/ إدارة الخلافات بأدوات سياسية من بينها حق الناس في تقرير خياراتهم السياسية .
وحتى يتحقق ذلك لا بد من تضافر الجهود للتصدي لهذا المشروع التفكيكي الذي تقوده ايران وينفذه وكلاؤها ، وسيكون تصنيف الحوثي جماعة ارهابية إحدى وسائل المواجهة التي أقرتها جامعة الدول العربية .
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص