شخصية الطاغية والشخص الخنوع

تثور الشعوب وتبذل قصار جهدها وأغلى ما تملك بغرض تحقيق مبادئ العدل والمساواة الحرية والانعتاق من الظلم والاستبداد أياً كان شكله وجنسه ومصدره، قبلي سلالي أسري أجنبي محلي، إذ لا فرق بين  الطغيان وأوعيته وصناعه وأدواته في حسابات الشعوب.


خرج الشعب اليمني ثائراً في دورات تاريخية مختلفة غير أنه اصطدم بكتلةٍ بشرية صلبة من العكفة "بلدوزر" تقوده الإمامة اللعينة حيث تشاء، لا تسأل إلا عن قوتها ومغانم سوقها أما دمائها فقد أهدرها جهل المفتون وتقبلتها العقول خدموا المتوردين وأعادوهم إلى الواجهة من جديد.


جمعوا بين شخصية الطاغية والشخص الخنوع، في حالة كانت أشبه بما يسمى  بسيكولوجيا التعويض عن القهر الذي وقع عليهم من قبل حكم الإمامة وما إن لاحت ثورة السادس والعشرين من سبتمبر ركبوا موجتها ثم انقلبوا عليها مارسوا التسلط على كل حُر وثائر وعلى من هو أدنى مكانة في المجتمع للتعويض عما فات من العبودية المفرطة، لكنها استمرت في المقابل عند  الأمير الجار يخروا له ساجدين يلعقون أكوابه وباقي صيانيه، وينحنوا له صاغرين على حساب الوطن وكرامة شعبه.. 


وكأنه مرض استعصى على الثورة علاجه فكان على النحو الذي عرضه الدكتور مصطفى حجازي في كتابه التخلف الاجتماعي مدخل إلى القيّم وسيكولوجيا الإنسان المقهور، ومصداقاً لقول الخليفة الراشد عمر بن الخطاب "ما وجد أحد في نفسه كبراً إلا من مهانة وجدها في نفسه".


لا تجد أحد من الذين قادوا شعوبهم إلى مصاف العالم المتقدم  عاد ليمتهن شعبة ويمارس عليهم الذل والعبودية والقهر إلا إذا كان من الصنف المتقدم ذكره أما غيرهم فقد كسروا الأغلال من على أيدي الانسان البسيط بداية قبل صاحب الشأن والمكانة.


الشعور بالعبودية والتوق إلى الحرية وممارسة الطغيان شعور يجري في كل تفاصيل جسد الانسان ومشاعره ويتجسد في حياته إما فضائل تُمارس أو شرور تصعق حياة الناس شقاءً وتعاسة.  


هل كان للجغرافيا يد في تشكُل تلك العقول؟ وهل للفقر يدٌ في وعي الانسان وجهله وانقياده وتمرده الوطني أو ذُله وانحناؤه، تاه اليمن قرونا وخاض حروباً عمياء لا قرار لها ولا هدف وليس لها منتهى، ولم تسفر عن غير الدمار والأشلاء والمقابر والجراح المستدام كانت آخر الدول الاعتبارية في اليمن، التي بنت وشيدت واعتلت مكانتها بين الأمم هي الدولة الحميرية لأنها كانت خالية من اللاهوت الديني والتعصب القبلي الذي حل باليمن منذ مقدم الهالك يحي الرسي حتى الساعة..

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص