استعادة الشرعية للمدن المحررة

ما يبديه النظام الدولي من قلق مستمر حيال مايجري في اليمن,ليس بدافع الخوف على اليمن أو الحرص على ارواح اليمنيين, بل بدافع الخوف من نجاح التحالف العربي في تحقيق اهدافه الاستراتيجية في اليمن. ومما لاشك فيه أن النجاحات الايجابية التي حققتها قوات التحالف ,على ارض الواقع اليمني كثيرة جدا, ولاينكرها من اليمنين الا جاحدا أو جاهلا يدفعه جهله وتعصبه السياسي والحزبي لتغليب المزايدات الاعلامية على الحقائق والمعطيات الواقعية.

ولكن ظهور الكيانات الميليشاوية مجددا في بعض المدن المحررة وقيامها بمهام امنية بالغة الاهمية, مع عدم تمكين حكومة الشرعية من إستعادة سلطاتها العامة وعدم قدرتها على قيامها الدستورية في تلك المدن, ادى إلى تشكل واقعا سلبيا ومخيبا للامال لن يقتصر اثره على مستوى تلك المدن فقط وانما سيمتد اثره في كل أرجاء البلاد.

فكيف سيتسنى لقيادات الجيش الوطني اقناع افرادهم أن يستبسلوا باقتحام بقية المدن اليمنية وتحريرها من الميليشيات الحوثية وهم يعلمون انها ستخضع لهيمنة ميليشات جديدة ترفض الاحتكام لشرعية الدولة وتجاهر بتمرد ها على هيئاتها الحكومية. أماعلى المستوى الخارجي فالاثر اكبر ممانتصور, اذ ستئودي مثل هذه النتائج إلى إضعاف الموقف السياسي لممثلي خارجيات دول التحالف واحراجهم في محافل السياسة الدولية . فالانتصارات العسكرية التي حقتقها قوات التحالف والشرعية سابقا في اليمن لم تكن بمعزل عن النجاح السياسي باي حال من الاحوال , بل ان كل انتصار عسكري كان يسبقه إنتصارا سياسيا أويتزامن معه .

وقد تابعنا جميعا ذلكم النجاح السياسي المشرف والمتميز ,الذي حققته خارجية المملكة العربية السعودية على وجه الخصوص, عبر قنواتها الدبلوماسية خلال الاعوام الثلاث الماضية . والذي نتج عنه حشد التاييد الدولي والاممي الداعم لمشروعية الحرب التي تخوضها قوات التحالف العربي ضد الانقلاب الحوثي في اليمن .

ومما يجدر بنا معرفته وإعادة التذكيرفيه ,أن النجاحات الدبلوماسية والسياسية في عالم اليوم هي التي تمنح الانتصارات العسكرية على الارض طابع الاهمية وتوفر لها المشروعية المنبثقة من القوانيين الدولية والاقليمية . فأي لسانا دبلوماسيا واي مسوغات سياسية سيستخدمها ممثلي الدبلوماسية الاقليمية مجددا في إقناع العالم وحكوماته المتعددة ,بضرورة إستكمال الحرب لتحرير بقية المدن اليمنية ,إذا كانت المدن المحررة قدخضعت مجددا لميليشات جديدة تقدم نفسها كبديل انقلابي عن الحوثيين ,على غرار ما يحدث في كلا من مدينة عدن وشبوة وتعز ولحج . لذلك تراودنا ثقة عالية بان قيادة التحالف العربي لن تقبل باستمرار مثل هذه الاضطرابات, حتى ان وجد من يدعمها من دول التحالف او من الاطراف اليمنية. فاي مدينة تم تحريرها من الحوثيين ولاتخضع لحكومة اليمن الشرعية تحتاج لإستكمال تحريرها من الميليشيات الجدد وإعادتها لسلطة الشرعية, وإلا فلا معنى لاي تحرير من هذا النوع. ومهما كانت السلبيات فلا يمكننا التعامل معها الا باعتبارها أخطاء لاتخلوا منها اي حرب وسيتم تصحيحها في اقرب وقت ممكن.

أما من يسوق هذا النوع من الاخطاء على انها محددات الفشل لقيادة التحالف العربي ودليل إخفاقها في تمكين الشرعية من إستعادة المدن اليمنية المحررة ,فهو واهما بكل تاكيد. لان الحرب في اليمن ووفقا لاستراتيجية النظام الاقليمي والذي نحن جزء منه ,ليست الا محطة انطلاقه وبداية حقيقية تهدف لحماية حاضرنا ومستقبل اجيالنا من كل المشاريع الانقلابية في اليمن والخليج بشكل عام.

#كاتب صحفي

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص