"صالح" والسلاح !!

ظل السلاح في اليمن يشكل القوة الوحيدة لحسم أي صراع سياسي، إلا أن فترة نظام "صالح" تعد هي الأبرز والأكثر عنفاً وانفلاتاً وترسيخاً لوجوده الكارثي.

لقد صعد "التيس" إلى كرسي الحكم وسلاحه الشخصي ملطخ بالدماء ولديه خبرة كافية في استخدام السلاح و"فن" الجريمة!.

بالتالي بدا أكثر إحترافاً وانحرافاً في أن، مدشناً عمله بتصفية الوعي الوطني وبمساعدة "محسن" حينها كرأس حربة، ومن ثم استقطاب القبائل وتوطيد علاقاته الاجتماعية والسياسية على كل الجهات.. ليمضي من هنا وباعتداد عميق في تعزيز حمل السلاح وانتشاره والمتاجرة به.. بالتوازي مع فتح الأبواب للإثراء غير المشروع وتأسيس (اقتصاد المكانة)، حتى أصبح من الممكن لأي شيخ قبلي أو قائد عسكري أو مسؤول كبير في "الدولة" تشكيل ميليشيا خاصة به وفرض منطق حضوره!.

بعسقبليته تلك أغتيل مشروع الدولة الذي كان قد بدأ به الشهيد الخالد إبراهيم الحمدي، وبها تم إجهاض حلم الوحدة والاستيلاء على سلاح وممتلكات الدولة هناك والدخول في مرحلة الثراء.

وبقدر إهتمامه بالجيش والسلاح كان "الثعلب" بالطبع يستشعر خطورته وبقاؤه مرهون بحماية "محسن"، فأتجه إلى إشعال جبهة صعدة (بالمال والسلاح)، واستدراجه في مواجهتها كمحرقة لقواته التي تمثل الجناح العسكري لحلفائه الإخوان وبيت الأحمر تحديداً، وتمكين قوات الحرس الجمهوري ممثلة بالولد أحمد من البروز كقوة ضاربة!.

واستمر كعادته في تغذية النزاعات والصراعات وتمزيق النسيج الاجتماعي، وتفريخ الجماعات المسلحة وخلق الفزاعات؛ كتنظيم القاعدة والحوثي، وافتعال أعمال القرصنة لابتزاز العالم وكسب الأموال أيضاً تحت ذريعة مكافحة الإرهاب.

حتى أدركه الرفض الشعبي، عبر الصندوق الذي طوعه بتحويل الديمقراطية إلى أداة استبداد إضافية في أخر انتخابات رئاسية بنجاح (بن شملان)، مع ذلك لم يتردد أيضاً في التلويح بقوة السلاح في حال تم الإعلان عن النتيجة الحقيقية، وهذا ما كشفه "محسن" في لقاء عابر مع صحفيين أبان الثورة الشبابية السلمية.

 

بهكذا أفرغ "صالح" كل المفاهيم من محتواها الإنساني والقيمي، واستطاع فعلاً أن يزهو بحكم بلد مؤثث بالعنف والسلاح على نار هادئة ولأكثر من ثلاثة عقود من الزمن!.

....

..

تشبع البلد بالقهر، وخرج الشعب في 2011م (سلمياً) بوعي يدرك خطورة السلاح الذي صار بمتناول الجميع، فأنتهز الجنرال "محسن" الفرصة وأعلن تأييده السلمي لثورة الشباب السلمية..

ومن هنا بدأت (الميليشيات) العسكرية بالتصادم، الأمر الذي أستدعى تدخل الأشقاء_إلتفافاً على ثورة الشعب_ حينها بالمبادرة الخليجية التي أفضت إلى مغادرة "صالح" السلطة بنصف الحكومة ومنحه حصانة!.

....

سلم السلطة... لا دولة ولا جيشاً وطنياً ولاااااا.. مع ذلك كان عصياً على التطويع، محافظاً على حلقة تواصله مع قادة جيشه الذين يكنون له ولنجله الولاء المطلق. مطلع 2014م، تحرك "الزعيم" من خلال قوته المعهودة مستثمراً الفشل السياسي الحاصل؛ مستهدفاً فوضوية سلاح "محسن" بميليشيا الحوثي المسلحة..

حتى وصل إلى العاصمة صنعاء وأسقط القصر الجمهوري بيد (الميليشيا)!.

 

متجاهلاً أن البلد لم يعد يحتمل مزيداً من القهر؛ وربما لم يتوقع  مآلات فعلته،

لقد أفلت (الرئيس التوافقي) فجأة وبإعجوبة من تحت إقامته الجبرية، وناشد دول الجوار بمساعدته وتدارك الوضع في اليمن!.

(الشقيقة الكبرى) كانت قد أستشعرت خطراً ما يمس أمنها القومي له علاقة بالسلاح المنفلت وجماعة الحوثي (الشيعية)، ولهذا قادت تحالفاً عسكرياً عربياً عاجلاً للعصف بسلاح (صالح/الحوثي)، حيث أكتشفنا بأن معظم جبال صنعاء وبعض المدن الرئيسية  مفخخة بكميات مهولة منه !.

.....

...

 

عام ونصف وما تزال السماء تمطر رعباً والأرض تتفجر من تحت أقدامنا وتتشظى عبثاً، فيما المكونات الشعبية تواصل  وبالسلاح نفسه مقاومتها صلف تحالف (صالح/الحوثي).

بينما "الثعلب" يناور في عراء الداخل للحصول على مخرج أمن؛ بإرتكاب المزيد من جرائم الحرب ضد الإنسانية والقصف  العشوائي وسقوط الكثير من المدنيين في تعز تحديداً ومدن أخرى، إضافة إلى تهديد العمق السعودي!.

 

              *استدارك*

 

تدخلات خارجية ومواقف دولية معززة بقرارات أممية..كلها أدركت تماماً أن اليمن مصاب بداء السلاح والجماعات المتطرفة..

وعلى الأرض تتحرك أرتال عسكرية ومدرعات وكاسحات ألغام وقوات عسكرية ضخمة .. بمعنى أكثر وضوحاً: (سلاح) بتقنية حديثة وعيار مختلف، يتوغل ويتكدس في الأراضي اليمنية لمواجهة تمرد (سلاح) الداخل، ودعماً لعودة "شرعية" مفقودة، على أشلاء هوية وطن يذبح من الوريد إلى الوريد.. في غياب الوعي الوطني الذي من شأنه أن يحمل حاجتنا الموضوعية الشاخصة ويضمن المستقبل!.

فيا ترى، هل يصدق القول: "وداويها بالتي هي الداء" أم أن الأمل يبقى أملاً والواقع هو الواقع؟؟!

                      

                       ***

إلى ميليشيات الخراب بلا تحية:

تمهلوا واحذروا خطاكم..

أنتم تنتحرون بنا وتحولون البلد بمكوناته المادية والبشرية إلى وقود حرب مفتوحة وثأرات دولية..

تعقلوا قليلاً، ليس عيباً أو ضعفاً أن تتنازلوا وتجنبوا أنفسكم والحياة ثمناً باهضاً..

يا هؤلاء، فكروا بتكلفة الفرصة البديلة، القرار الأممي (2216) هو الحل الأسلم ولا داعي للشروط، كل الأطراف ملزمة بتسليم السلاح واخماد بؤر العنف والعنف المضاد.. برعاية أممية لا شك ستساعدنا في الخروج من دائرة الحرب والعداوات والتربصات القاتلة.. فالبلد ملكنا جميعاً، ولا يمكن الانفراد باختزاله في نهايات انتحارية!.

***

تباً للسلاح

نعم للعقل كسلطة شرعية وحيدة

نعم للحياة .

[email protected]

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص