في ذكرى انتفاضة ديسمبر.. مفكر عربي شهير يكتب عن اغتيال "الرئيس السابق" وكيف وقع هدفا سهلا لزعيم الحوثيين ويكشف الجهة التي خططت للعملية وهدفها من الاغتيال وتحدث عن الرئيس ونائبه وعن حميد الأحمر وقبائل طوق صنعاء

قال المحلل السياسي والمفكر العربي خيرالله خيرالله، ان التخلّص من الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، غيّر المعادلة اليمنية كلّيا، بل تغيّرت نهائيا، ولم يعد يوجد من يملأ الفراغ الذي خلفه الرجل بحسناته الكثيرة وسيئاته الكثيرة أيضا.

وأشار الى، ان الفراغ القائم حاليا والمستمر منذ سنوات عدّة، ليس مرتبطا بشخص حكم اليمن طويلا بمقدار ما أنّه مرتبط بمعادلة غائبة كانت قائمة في الماضي، في أساس المعادلة التي لم تعد قائمة وجود أجهزة أمنية شبه فعّالة وجيش قوي ومتماسك إلى حدّ ما، مع شبكة علاقات واسعة ترتكز على مصالح متشابكة ومتبادلة، لم تكن بعيدة عن الفساد والمحسوبية، وان الشبكة تضم زعماء قبليين ورجال أعمال وصناعيين ومقاولين وتغطي معظم أنحاء اليمن وليس صنعاء ومحيطها فقط.

وأضاف المفكر خير الله خير الله في مقال له بصحيفة العرب، بان اغتيال علي عبدالله صالح، الذي قال بانه لا يزال الحلقة المفقودة في المعادلة اليمنية، توج بجهودا طويلة، بدأها الإخوان المسلمون من أجل التخلّص من الرجل العام 2011 بكلّ الوسائل الممكنة، بما فيها محاولة تصفيته جسديا، بهدف الحلول مكانه. 

واكد، ان الحوثيون ليسوا سوى أداة إيرانية، واستطاعوا قطف ثمار ما استثمره الإخوان المسلمون في عملية إزاحة "صالح" وتنحية لمصلحة نائبه عبدربّه منصور هادي، مشيرا الى عملية اغتيال صالح احتاجت الى سنوات عدة، وذلك بعدما ارتكب الرجل مجموعة من الأخطاء جعلت منه في نهاية المطاف، هدفا سهلا لزعيم “أنصار الله” عبد الملك الحوثي، وان هذا الأخير أراد الانتقام لشقيقه حسين بدرالدين الحوثي الذي قتل في بداية الحروب الست التي خاضها مع الجيش اليمني العام 2004.


وبعد ثلاث سنوات على إعدام علي عبدالله صالح، قال خير الله خيرالله، نشهد اليوم وضعا يمنيا جديدا لا عودة عنه لبلد قديم صار في مرحلة إعادة التكوين، أي أنّ إزاحة الرئيس السابق أدّت عمليا إلى تقسيم اليمن نهائيا في غياب أي قدرة على العودة إلى صيغة الشطرين، أو الدولتين المستقلتين كما كانت عليه الحال قبل الوحدة في الثاني والعشرين من أيّار – مايو 1990.

وأضاف قائلا، الأهمّ من ذلك كلّه ألغى الوضع القائم حاليا، الذي تميّزه فوضى عارمة، وجود المركز، أي صنعاء، الذي كان يمكن أن يحكم منه اليمن، وحاليا هناك بحث عن معادلة جديدة لعب كلّ الذين أرادوا التخلّص من علي عبدالله صالح دورا في إيجادها.


وتابع، سيستمرّ البحث عن هذه المعادلة الجديدة سنوات طويلة، لا يمنع ذلك، الاعتراف بأنّ الحوثيين، لعبوا بفضل من يخطّط لهم من خلف، دورا في تحقيق هدف محدّد، يتمثل هذا الهدف في السيطرة على بقعة من اليمن والتحكم فيها انطلاقا من صنعاء، وان التخلّص من علي عبدالله صالح كان خطوة على طريق تحقيق هذا الهدف الذي يشكل إنجازا كبيرا بالنسبة إليهم وكارثة على المناطق التي يتحكّمون بها والتي استطاعوا إخضاعها شيئا فشيئا، مشيرا الى ان ذلك شمل إخضاع القبائل اليمنية التي عرف الحوثيون كيفية تفتيتها وجعلها في خدمتهم.

وقال، هناك محطات في غاية الأهمّية من المفيد التوقف عندها للتأكّد من أنّ الحوثيين تصرفوا بدهاء منذ بدأ الإخوان المسلمون ثورتهم على علي عبد الله صالح تحت غطاء “الربيع العربي” في شباط – فبراير 2011، ثم محاولتهم اغتياله في تفجير مسجد النهدين في حرم دار الرئاسة في محيط صنعاء في الثالث من حزيران – يونيو 2011.

وأضاف، ان الحوثيون استغلوا أوّلا حرب الإخوان على علي عبد الله صالح والتي كانت تلك الحرب بقيادة الشيخ حميد الأحمر، واللواء آنذاك علي محسن صالح الأحمر قائد الفرقة الأولى مدرّع، في طريقهم إلى صنعاء من جبالهم وكهوفهم في صعدة، كما استغلوا إلى أبعد حدود الرئيس الموقت الذي كان يعتقد أنّ عليه تفكيك الجيش اليمني وإعادة تركيبه لإضعاف علي عبدالله صالح.


وأشار الى، ان الرئيس هادي استخف بالحوثيين رغم تحذيرات صالح، وتبيّن كما قال أنّه لا يعرف شيئا عنهم، أمّا علي عبدالله صالح، فقد اعتقد أنّ لديه أوراقه التي يستطيع أن يساوم بها، اعتمد على قسم من قبائل الطوق التي اعتقد أنّها ستهب لنجدته في حال احتاج إلى ذلك، و لم يدرك، إلّا متأخرا مدى نجاح الحوثيين في تفكيك التركيبة القبلية في شمال اليمن، وهو الذي كان يعرف أن القبلي هناك يستأجر ولا يمكن شراؤه.

وتساءل المفكر والكاتب خيرالله خير الله قائلا، "بعد ثلاث سنوات على اغتيالهم علي عبدالله صالح واستغلالهم العلاقة الجديدة التي أقاموها معه بعد وضع يدهم على صنعاء، ما الذي سيفعله “أنصار الله” بانتصارهم؟، مضيفا، يطرح هذا السؤال نفسه نظرا إلى أن ليس لديهم أي مشروع سياسي أو اقتصادي أو حضاري قابل للتطبيق، كلّ ما يستطيعون عمله هو تدمير مدينة عريقة مثل صنعاء ونشر البؤس فيها، الأكيد أنّهم في حلف غير معلن مع الإخوان المسلمين الذين يشكلون جزءا من “الشرعية” اليمنية، يستهدف هذا الحلف تقاسم اليمن يوما بين الجانبين.
 

 وختم مقالته قائلا، حسنا استطاع الحوثيون الوصول إلى حيث يريدون، ولكن ماذا عن اليمن؟ لا جواب في المدى المنظور. الثابت الوحيد أن علي عبدالله صالح كان يستطيع في مرحلة معيّنة تشكيل حالة قادرة على مقاومة “أنصار الله”. مع تصفيته جسديا لا مجال، إلى إشعار آخر، لإيجاد مثل هذه الحالة القائمة أساسا على جيش غير موجود متحالف مع بعض القبائل… هذا ما يدفع إلى الكلام أنّه تحول إلى حلقة مفقودة في اليمن.
 

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص