تخوف شعبي يمني من القفز على المرجعيات الدولية والاستسلام للحوثي

هل باتت المرجعيات الثلاث خارج إطار اتفاق السلام المنتظر بين اليمن والحوثي، لإنهاء الحرب التي أشعلتها الميليشيا الموالية لإيران أواخر مارس عام 2015، وهل تحوّلت تلك المرجعيات من أساس ضروري لأي حل سلمي شامل ومستدام للأزمة اليمنية إلى “شرط مسبق مرفوض” أو “نصوص فقدت معناها” في ظل المستجدّات السياسية والعسكرية التي يشهدها الملف اليمني وأهمها التقارب بين المملكة العربية السعودية وإيران والاتفاق على إعادة تطبيع العلاقات السياسية والاقتصادية بين البلدين في 10 مارس الماضي.

وما مصير المرجعيات الثلاث التي لطالما تمسّكت بها الشرعية اليمنية طوال سنوات الحرب الثماني والتي شكّلت أسس الحل مثلما أعلن عنها وطرحها مراراً وتكراراً مسؤولو السلطة الشرعية في البلاد.

ويخشى اليمنيون بعد كل التضحيات الجسام التي قدّمها الشعب اليمني منذ اجتياح الميليشيا الحوثية صنعاء والسيطرة على محافظات عدّة في سبتمبر عام 2014، وما تلاها من حرب دامية، من سياسة فرض الأمر الواقع وإمكانية قيام الميليشيا بإلغاء مرجعيات الحل الثلاث وفرض اتفاق يحقّق مصالح الميليشيا وداعميها في طهران، وهو ما يعني الاستسلام الكامل للشعب اليمني والتحالف العربي لهذه الجماعة.

كما يتخوّف اليمنيون من التعامل مع المرجعيات الثلاث التي تحظى بدعم دولي وإقليمي على أن الأحداث “تجاوزتها” أو أنه لم يعد هناك حاجة لممارسة الضغط السياسي والعسكري على الميليشيا لتنفيذها والجنوح إلى السلام وفق متطّلباتها الدستورية والقانونية والأخلاقية.

وتتمثّل المرجعيات الثلاث التي ترفض الميليشيا الاعتراف بها حتى الآن في المبادرة الخليجية التي تم التوقيع عليها في نوفمبر عام 2011، والقرار الأممي رقم 2216 الصادر في أبريل عام 2015، ومخرجات الحوار الوطني الشامل الذي اختتم في يناير عام 2014.

وعلى الرغم من تأكيد رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي في خطابه بمناسبة العيد الوطني الـ 33 (ذكرى إعادة تحقيق الوحدة اليمنية في 22 مايو عام 1990) على التمسّك بمرجعيات المرحلة الانتقالية، إلا أن مخاوف اليمنيين تتزايد إزاء ممارسة ضغوط دولية وإقليمية على الحكومة اليمنية والحوثيين للتوصّل إلى وقف لإطلاق النار تمهيداً لحل الأزمة سلمياً وفق أسس جديدة يتم التفاوض عليها.

وكان المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن هانس جروندبرغ قال في إحاطته أمام مجلس الأمن الدولي في 17 مايو إن جميع الأطراف أبدت الاستعداد للانخراط بشكل بنّاء بشأن سبل للمضي قدماً، وأبدت أيضاً تصميماً جلياً على التقدّم نحو التوصّل لاتفاق بشأن تدابير إنسانية واقتصادية ووقف دائم لإطلاق النار، واستئناف عملية سياسية بقيادة يمنية تحت رعاية الأمم المتحدة.

واعتبر المبعوث الأممي أن هشاشة الوضع العسكري، وتردّي الوضع الاقتصادي والتحديات اليومية التي تواجه الشعب اليمني تذكّر على الدوام بالسبب الذي يجعل الوصول إلى اتفاق شامل أمراً ضرورياً للغاية، دون أي إشارة إلى الأسس والمبادئ التي سيقوم عليها الاتفاق المتوقّع.

وأشار جروندبرغ إلى أن “العملية السياسية الشاملة الجامعة وحدها يمكنها صياغة شراكة سياسية جديدة وتحقيق الوعد بمستقبل آمن ومستقر اقتصادياً تضطلع فيه مؤسّسات الدولة بأداء عملها بفعّالية وتعود فيه لليمن علاقاته السلمية مع جيرانه”.

وإلى أن تسفر الجهود الإقليمية والدولية المتواصلة عن التوصّل إلى وقف لإطلاق النار ينهي الحرب التي دخلت عامها التاسع وبدء عملية سياسية جامعة، يترقّب اليمنيون مسار الأحداث والمستجدّات وإلى أين ستصل جهود حل الأزمة وهل سيبنى الاتفاق الجديد في حال تم التوصّل إليه على المرجعيات الثلاث أم سيكون على حساب آمال وتطلّعات الشعب اليمني في الحرية والعدالة والمواطنة المتساوية في بلد تحوّل إلى أسوأ أزمة إنسانية في العالم.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص