رغم اتساع رقعة الفقر وتوقف الرواتب وتدهور الخدمات

الحوثيون يبددون ملايين الدولارات لتكريس أحقيتهم المزعومة في حكم اليمن

قدّرت مصادر يمنية مطلعة في صنعاء أن الميليشيات الحوثية أنفقت ما يعادل 50 مليون دولار للاحتفال بما تسميه «عيد الغدير» أو «يوم الولاية»، وهو مناسبة سنوية تكرّسها الجماعة لتأكيد الأحقية الدينية المزعومة لعائلة الحوثي في حكم اليمنيين.

جاء ذلك في وقت يعاني فيه ملايين اليمنيين في مناطق سيطرة الجماعة من توقف رواتبهم واتساع رقعة الفقر وتقطع سبل الحياة وتدهور الخدمات، وتفشي الأوبئة، وفق ما أكدته تقارير أممية ودولية.

وبحسب مصادر مطلعة في صنعاء، لجأت الميليشيات الحوثية إلى الضغط على السكان في العاصمة وضواحيها وغيرها من المدن؛ لإجبارهم على المشاركة في احتفالاتها بما تسميه «يوم الولاية».

المصادر ذكرت أن الميليشيات الحوثية أوعزت إلى مشرفيها ومسؤوليها في أحياء العاصمة بتنفيذ حملة ميدانية لتحشيد السكان من مختلف الفئات والأعمار إلى ساحاتها الاحتفالية، واستخدام مختلف وسائل الترغيب والترهيب.

وقال سكان في العاصمة المختطفة صنعاء إن عناصر الجماعة قاموا باستخدام مكبرات الصوت والتجول في الشوارع للحضّ على حضور الاحتفالات وسماع خطبة زعيم الجماعة بالمناسبة ذات الصبغة الطائفية.

وتحدث عبد الله، وهو اسم مستعار لأحد السكان في صنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، عن مشاهدته سيارات ترفع شعار ميليشيات الحوثيين في الحي الذي يقطنه تحضّ عبر مكبرات الصوت على تحشيد مزيد من المقاتلين لمواجهة ما تسميه الجماعة «الغزو الصهيوني - الأميركي».

سخط شعبي

سلوك الجماعة الحوثية قوبل بحالة من الاستياء والرفض في أوساط السكان في صنعاء، حيث تنشغل الجماعة بالترويج لمناسباتها الطائفية، وتهدر ملايين الدولارات في وقت يعاني فيه معظم اليمنيين في مناطق سيطرتها من أوضاع معيشية متدهورة بفعل الانقلاب وسياسات الفساد والتجويع ونهب الرواتب.

وكان قادة الجماعة الحوثية استبقوا الفعالية الاحتفالية بما يسمونه «عيد الولاية»، بإطلاقهم العنان لمسلحيهم ومسؤولي الأحياء الموالين لهم للبطش بالسكان في صنعاء وضواحيها وإجبارهم على دفع تبرعات مالية لتمويل الفعالية.

ووزّع الموالون للميليشيات طروداً فارغة على المنازل في أحياء عدة بصنعاء، وحضّوا على ملئها بالتبرعات دعماً للفعالية ولتجهيز «قوافل متنوعة» للجبهات، حيث اشترطوا التبرع بما يعادل 3 دولارات عن كل أسرة صغيرة.

وأكد ياسين، وهو من سكان حي التحرير وسط صنعاء، أن عناصر الميليشيات هددوا بحرمان السكان من غاز الطهي ومن حصصهم من المساعدات الإنسانية في حال تخلفوا عن التبرع بالمال أو تغيبوا عن المشاركة في الاحتفال بالمناسبة التي تصادف يوم 18 من شهر ذي الحجة من كل عام هجري.

وعادة ما تستغل الجماعة الحوثية المناسبات ذات الصبغة الطائفية من أجل الجباية وجمع التبرعات العينية والنقدية والاستقطاب للتجنيد، حيث يؤكد كبار التجار وصغارهم تعرضهم للابتزاز والتهديد والإجبار على دفع الإتاوات.

تنديد حكومي

الحكومة اليمنية في معرض التعليق على احتفالات الجماعة الحوثية، اتهمت الأخيرة بإنفاق مليارات الريالات تنفيذاً لأجندة إيران وتكريس المناسبات الدخيلة على المجتمع اليمني.

وقال وزير الإعلام معمر الإرياني، في تصريحات رسمية، إن الميليشيات الحوثية الإرهابية التابعة لإيران تنفق مئات المليارات من الريالات لإحياء طقوسها الدينية الدخيلة على البلد والمجتمع والمستوردة من إيران، بينما مئات الآلاف من موظفي الدولة في المناطق الخاضعة بالقوة لسيطرتها محرومون من مرتباتهم منذ 9 أعوام، وملايين المواطنين يعيشون تحت خط الفقر والمجاعة.

وأوضح الإرياني أن تلك المليارات التي تنفقها ميليشيا الحوثي لتعميم وفرض أفكارها المتطرفة، وادعاء الحق الإلهي في الحكم وحصره في أسرة (الحوثي) تحت مزاعم الولاية، ومحاولة تنصيب نفسها على رقاب اليمنيين بقوة السلاح لعقود مقبلة، كانت تكفي لتمويل صرف مرتبات موظفي الدولة، وتحسين الأوضاع المعيشية لملايين المواطنين الواقعين ضمن أكبر كارثة إنسانية في العالم.

وتوعد الوزير اليمني بإسقاط مزاعم الولاية الحوثية، وقال إن «الشعب الذي أسقط الحكم الإمامي البغيض، وضحى بخيرة أبنائه، وناضل ولا يزال لإقامة دولة النظام والقانون، وإرساء قيم الحرية والعدالة والمساواة، قادر على إسقاط مزاعم الولاية الحوثية».

ويأتي استمرار الحوثيين في الإنفاق ببذخ على المناسبات الطائفية، في وقت تفيد فيه أحدث التقارير الدولية بأن سوء التغذية لا يزال يشكل تهديداً دائماً للأطفال في اليمن.

وقال برنامج الأغذية العالمي إن الآباء في اليمن يواجهون خياراً مؤلماً، وهو بيع ممتلكاتهم للرعاية الطبية أو إطعام أطفالهم.

نقلا عن: " الشرق الأوسط"

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص