العليمي في المهرة حاملا معه مشروع «الإدارة الذاتية»

أعلن رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي عن تمكين المهرة من إدارة شؤونها الإدارية والمالية، خلال الزيارة التي بدأها إلى المحافظة الواقعة شرق اليمن، والتي تأتي على ما يبدو بدعم من المملكة العربية السعودية.


 تقول أوساط سياسية يمنية إن الزيارة التي بدأها رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي إلى محافظة المهرة، شرق البلاد، لا تخلو من دلالات سياسية في علاقة بترتيبات تجريها السعودية، من بينها مشروع “الإدارة الذاتية”، الذي جرى تسويقه بداية في حضرموت.

 

وتشير هذه الأوساط إلى أن العليمي يعمل على تنفيذ الرؤية السعودية في شرق البلاد، لكن هذه الرؤية قد تواجه تحفظات من بعض المكونات في الداخل، وكذلك من سلطنة عمان التي لطالما اعتبرت المهرة مجالها الحيوي وحديقتها الخلفية.

 

وبدأ العليمي الأربعاء زيارة إلى المهرة على رأس وفد حكومي رفيع بعد أيام فقط من دعوة الرئاسة اليمنيةِ مسؤولي السلطة الشرعية للعودة إلى الداخل وممارسة مهامهم.

 

وأكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي الخميس “التزام المجلس والحكومة بجعل المهرة في صدارة الأولويات، وتمكين أبنائها من إدارة شؤونهم الإدارية والمالية، وتشجيع الاستثمارات الوطنية في كافة المجالات”.

 

جاء ذلك ضمن كلمة ألقاها في اجتماع عام للسلطة المحلية، والقيادات الأمنية والعسكرية، والشخصيات الاجتماعية، ومنظمات المجتمع المدني في المحافظة.

 

وقال العليمي في كلمته التي نقلتها وكالة “سبأ” الرسمية إن “محافظة المهرة اليوم لم تعد معزولة كما كانت في الماضي، بل أصبحت في قلب المعركة ضد الميليشيات الحوثية، وفي قلب المعركة من أجل التنمية”.

 

وأشاد رئيس مجلس القيادة الرئاسي “بالجهود المشهودة للسلطة المحلية في محافظة المهرة، وأجهزتها الأمنية في مكافحة تهريب الأسلحة، والمخدرات، والجريمة المنظمة، التي قدمت المحافظة كقدوة ونموذج يحتذى على هذا الصعيد”.

 

وشكر قيادة السلطة المحلية والقوات المسلحة والأمن على “تعزيز هيبة الدولة، وجعل محافظة المهرة واحة للتعايش والسلام والاستقرار”، كما أشار إلى “المكانة العظيمة التي تمثلها محافظة المهرة في التاريخ اليمني العريق، بما في ذلك لغتها الحية على مر العصور”.

 

ووجه العليمي “باعتماد اللغة المهرية لغة أساسية ينبغي الحفاظ عليها كواحدة من أهم حلقات التراث الإنساني العالمي”.

 

ولفت إلى “دور محافظة المهرة في التخفيف من الأزمة الإنسانية التي صنعتها الميليشيا الحوثية المدعومة من النظام الإيراني، باعتبارها بوابة شرقية للجمهورية اليمنية، وملاذا لعشرات الآلاف من النازحين الفارين من بطش الميليشيات الإرهابية”.

 

ودعا رئيس مجلس القيادة الرئاسي أبناء المهرة إلى “اليقظة في مواجهة خطر الاختراق من المنظمات والجماعات الإرهابية، وتخادمها الصريح مع الميليشيا الحوثية المدعومة من نظام ولاية الفقيه في إيران”.

 

وخص العليمي السعودية بالشكر قائلا “كان لجهود المملكة العربية السعودية الشقيقة ومواقفها الأخوية، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، الدور الحاسم في تخفيف المعاناة عن الشعب اليمني، ومنع انزلاق البلاد إلى دائرة الانهيار الاقتصادي الشامل”.

 

وجاءت زيارة العليمي بعد أسابيع قليلة من زيارة مماثلة أداها إلى حضرموت، حيث أعلن من خلالها عن منح المحافظة النفطية الإدارة الذاتية في تولي شؤونها المالية والإدارية والأمنية، مشيرا حينها إلى أن هذه التجربة ستعمم على بقية المحافظات.

 

وقال يعقوب السفياني، مدير مركز سوث 24 للدراسات في عدن، إن هذه أول زيارة يقوم بها العليمي إلى المهرة منذ توليه منصب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، ومن الواضح أن الرياض دعمت هذه الزيارة كما دعمت زيارته إلى حضرموت في وقت سابق.

 

ووصف السفياني في تصريحات لـ”العرب” الزيارة بـ”المناورة في مسرح جغرافي شاسع من الجنوب يتلاشى فيه الحضور العسكري للمجلس الانتقالي الجنوبي وتتكاثف فيه التحديات أيضاً على المستويين السياسي والاجتماعي”.

 

ولفت إلى أن توقيت الزيارة يحمل دلالات مهمة حيث تأتي بعد تشكيل مجلس حضرموت الوطني وبروز أصوات تنادي بتشكيل المجالس الجهوية الديمغرافية في الجنوب، وهي أصوات موجودة أيضاً في المهرة، مشيرا إلى أن بعض الأصوات في المحافظة تصر على فكرة الإدارة الذاتية للمهرة من منطلق رفضها لمشروع المجلس الانتقالي الجنوبي.

 

وظهرت فكرة الإدارات الذاتية أساسا بعد نجاح المجلس الانتقالي الجنوبي في حشد الدعم الداخلي لمشروع استعادة دولة الجنوب، من خلال اللقاء التشاوري الذي نظمه في مايو الماضي بمحافظة حضرموت.

 

ويرى مراقبون أن تمكين المحافظات في جنوب وشرق البلاد من إدارة شؤونها هو محاولة على ما يبدو للقطع مع مشروع المجلس الانتقالي، ويشير هؤلاء إلى أن صمت الأخير على تحركات العليمي التي تستهدف محافظات بعينها يعود إلى عدم الرغبة في استفزاز المملكة العربية السعودية وتجنب ردود فعلها.

 

ويلفت المراقبون إلى أن الموقف العماني سيكون محددا حيال مدى نجاح الترتيبات التي تخص المهرة في ظل الحدود الجغرافية والصلات بينهما، مرجحين أن تكون المهرة في الفترة المقبلة ساحة أخرى للتجاذبات في ظل الأجندات المتضادة.


وقال المحلل السياسي اليمني محمود الطاهر إن زيارة رئيس مجلس القيادة الرئاسي جاءت في وقت تعاني فيه المحافظات المحررة من شد وجذب وخلافات وإنشاء تكتلات سياسية وعسكرية.

 

وأضاف الطاهر في تصريحات لـ”العرب” أن “الهدف من الزيارة هو محاولة إبطاء انضمام المحافظة إلى تلك المعمعة، ولعل ما سبق الزيارة من تحريض ضد مجلس القيادة يفسر أسبابها المنطقية”.

 

ولفت المحلل اليمني إلى أن مجلس القيادة الرئاسي بات يواجه خطر العزلة المحلية، لاسيما بعد الحرب الاقتصادية التي شنتها ميليشيا الحوثي الموالية لإيران، ما ينذر بانهيار كلي للحكومة اليمنية، إضافة إلى الخلافات الموجودة داخل المجلس وعدم قدرته على ممارسة العمل من العاصمة المؤقتة عدن.

 

ومضى قائلا “مع تلك الأحداث، إضافة إلى استغلال الحوثي للهدنة الأممية للتمدد وربط علاقاته مع القبائل اليمنية، لاسيما قبائل الشرق المحاذية لعمان، وربط العلاقات أيضًا مع تنظيم القاعدة الذي يستغل فراغ الدولة والخلافات الداخلية المتصاعدة داخل مجلس القيادة الرئاسي، كان لا بد من الالتفات إلى هذه المحافظة التي تطفو على مشاكل متناقضة ومختلفة”.

 

وتحظى محافظة المهرة بأهمية إستراتيجية، وتعد البوابة الشرقية لليمن، وهي ثانية كبرى المحافظات من حيث المساحة، ولها منفذان حدوديان مع سلطنة عمان هما صيرفت وشحن، كما تمتاز بساحل طويل يمتد لـ560 كيلومترا.

عن صحيفة العرب

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص